الجزائر... مشكلة الهوية الأمازيغية تعود مجدداً إلى واجهة التوترات - نبض مصري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي: الجزائر... مشكلة الهوية الأمازيغية تعود مجدداً إلى واجهة التوترات - نبض مصري الثلاثاء 6 مايو 2025 01:58 صباحاً

تشهد الجزائر منذ يوم 3 من شهر أيار / مايو  الحالي سجالات ساخنة وخلافية حادة، على مستوى وسائل الإعلام وبخاصة وسائل التواصل الاجتماعي، بشأن قضية الهوية الأمازيغية في الجزائر، وذلك كرد فعل على مضمون الحديث التلفزيوني الذي أدلى به أستاذ التاريخ المتقاعد الدكتور محمد الأمين بلغيث إلى فضائية "سكاي نيوز عربية" التي تبث من الإمارات العربية المتحدة، وقال فيه إن الأمازيغية "صنيعة فرنسية صهيونية" وإنه "ليست هناك ثقافة. هذا مشروع أيديولوجي صهيوني - فرنسي بامتياز. لا وجود لشيء اسمه أمازيغية، هناك بربر وهم عرب قدماء وفق ما يدين به كبار المؤرخين في الشرق والغرب ".

وزيادة على ما تقدم، فقد أضاف الدكتور بلغيث قائلاً إن "قضية الأمازيغية تعد، بإجماع عقلاء ليبيا والجزائر والمغرب، مشروعاً سياسياً هدفه تقويض وحدة المغرب العربي". ويلاحظ هنا إهمال الدكتور بلغيث لأمازيغ موريتانيا ومصر ولطوارق مالي والنيجر باعتبارهم من الأمازيغ أيضاً.

وبسبب المضمون الذي انطوت عليه تصريحات الدكتور بلغيث تم اعتقاله بأمر صادر من محكمة الدار البيضاء بالجزائر العاصمة يوم 3 أيار / مايو  2025 بتهمة المساس بالوحدة الوطنية الجزائرية، ومهاجمة الرموز الوطنية. في هذا السياق نشر بعض وسائل الإعلام الجزائرية كلاماً موثقاً بالصوت والصورة للدكتور بلغيث كان قد أدلى به منذ سنوات، تحديداً في أيار / مايو 2018 بأنه "شاوي" بربري وليس أمازيغياً.

ويرى عدد من الملاحظين السياسيين الجزائريين أن تصريحات الدكتور بلغيث لا تختلف من حيث الجوهر عن مضامين تصريحات وكتابات السياسي والديبلوماسي الجزائري الراحل عثمان سعدي، الذي كان ينفي وجود الفرادة الأمازيغية ورافع مدى سنوات طوال لمصلحة أطروحة "الأصل العربي" للغة الأمازيغية، وهناك أيضاً تجاهل مطلق للثقافة الأمازيغية في مؤلفات الدكتور الراحل أبو القاسم سعد، المدعو شيخ المؤرخين الجزائريين المعاصرين، ويظهر ذلك جلياً في كتابه الموسوعي "التاريخ الثقافي الجزائري - 10 مجلدات"، وهناك مواقف كثيرة لكتاب وسياسيين جزائريين آخرين لا تختلف بخصوص اللغة الأمازيغية وهوية الأمازيغ الجزائريين عن مضمون مواقف الدكتور بلغيث. وفي هذا الشأن يمكن الإشارة، مثلاً، إلى المؤرخ والكاتب الراحل الطاهر بن عيشة، والدكتور أحمد بن نعمان. ولكن النظام الجزائري قد استوعب في الماضي القريب جداً آراء كل هؤلاء، والدليل على ذلك أنه لم يحاكم أي منهم على مواقفه المناقضة للخطاب الرسمي حيال اللغة والأصول الأمازيغية وذلك منذ تعديل الميثاق الوطني في ثمانينات القرن العشرين، حينما تم إدراج أركان الهوية الوطنية الجزائرية الثلاثة في مدونة القانون الجزائري وهي الإسلام والعربية والأمازيغية. رغم ذلك فقد استمرت الخلافات على أركان الهوية الوطنية الجزائرية على مستوى بعض المؤرخين والكتاب، علماً أن مشكل الأمازيغية في المشهد السياسي الجزائري قديم إذ يمكن رصد تداعياته قبل اندلاع حركة التحرر الوطني ضد الاستعمار الفرنسي عام 1954.

وفي هذا الصدد، أوضح المؤرخ والسياسي الجزائري المعروف الدكتور محمد حربي، الذي يعيش في منفاه الفرنسي منذ عام 1971، في كتبه المختلفة أن حقبة 1947 شهدت صراعات معقدة بين أقطاب سياسيين جزائريين حول فرادة الهوية البربرية للجزائر، ويبدو أن انخراط الجزائر في الصراع المسلح ضد الاحتلال الفرنسي قد أجل هذه القضية لفترة، ولكن سرعان ما طفت على مسرح الأحداث بعد اعتماد مرحلة الرئيس الراحل هواري بومدين سياسات التعريب الذي استبعد اللغة الأمازيغية من التدريس في المنظومة التعليمية. ولقد انفجرت هذه القضية أيضاً بشكل أكثر حدة خلال حوادث الربيع الأمازيغي بين آذار / مارس ونيسان / أبريل  1980.

أما السبب الجوهري وراء إيداع الدكتور بلغيث السجن الموقت بانتظار محاكمته فيعود، حسب منطق السلطة الجزائرية، إلى اعتداء هذا المؤرخ على الدستور الجزائري الذي تعتبره أجهزة الدولة المقنن الشرعي للحياة الوطنية الجزائرية والذي تنص مادته الرابعة المتعلقة بالأمازيغية على أن "تمازيغت هي كذلك لغة وطنية ورسمية، تعمل الدولة على ترقيتها بكل تنوعاتها اللسانية المستعملة عبر التراب الوطني ".

 

محمد  الجوهري
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق